التنمية دائما DimaTanmia
مرحبا بك هذا المنتدى مختص في قضايا التنمية وما يرتبط بها
لايمكنك التحميل حتى تسجل اسم الدخول
يمكنك طلب اي موضوع سوف نرسله لك
مجموعة التنمية دائما

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التنمية دائما DimaTanmia
مرحبا بك هذا المنتدى مختص في قضايا التنمية وما يرتبط بها
لايمكنك التحميل حتى تسجل اسم الدخول
يمكنك طلب اي موضوع سوف نرسله لك
مجموعة التنمية دائما
التنمية دائما DimaTanmia
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مجموعة منتديات التنمية دائما
http://associations.alafdal.net/ http://developpement.ibda3.org https://www.facebook.com/dimatanmia.dt
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

مجموعة منتديات التنمية دائما
http://associations.alafdal.net/ http://developpement.ibda3.org https://www.facebook.com/dimatanmia.dt

الحكامة والتنمية

اذهب الى الأسفل

الحكامة والتنمية  Empty الحكامة والتنمية

مُساهمة من طرف Admin السبت 14 يناير 2012 - 5:43

الحكامة والتنمية


التصميم:
الفقرة الاولى: تحديد مفاهيمي: الحكامة؛ التنمية:
أولا: الحكامة: مفهومها؛ شروطها؛ مبادئها ومعاييرها.
1- مفهوم الحكامة.
2- شروط؛ مباديء ومعايير الحكامة.
ثانيا: التنمية: مفهومها؛ ومؤشرات ومعايير قياس معدلاتها.
1- مفهوم التنمية.
2- مؤشرات ومعايير قياس معدلات التنمية.
ثالثا: الحكامة والتنمية؛ أية علاقة؟
الفقرة الثانية: الحكامة الجيدة: نموذج التدبير التشاركي المحلي:
أولا: عناصر التدبير التشاركي وأهدافه:
1- عناصر التدبير التشاركي.
2- أهداف التدبير التشاركي.
ثانيا:المبادرة الوطنية للتنمية البشرية:
1- مرتكزات وخصائص المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
2- المبادرة الوطنية كمقاربة للتنمية المحلية.
ثالثا: محدودية المقاربة التشاركية في مخطط المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.


مقدمة:
تعد الحكامة من المفاهيم والمواضيع الاساسية التي تزايد الاهتمام بها في السنوات الأخيرة. ومازالت النقاشات والحوارات بشأنها مفتوحة، وفي بداياتها الأولى، وتنصب هذه النقاشات حول تحديد المقصود بالحكامة؟ وتحديد شروطها ومعاييرها؟ وتحديد علاقتها بالتنمية؟ وما مدى وحدود تطبيقها في قطاع من القطاعات ؟ وكيف يمكن قياس فعاليتها ونتائجها على المجتمع؟ (الفقرة الأولى).
وما هي العلاقة بين مبادرات التنمية المتعددة التي اتبعها المغرب والحكامة؟ وهل يتم استحضار مباديء الحكامة أثناء وضع وتتبع وتقييم مشاريع التنمية في المغرب؟
سنحاول الإجابة من خلال نموذج التدبير التشاركي المحلي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ( الفقرة الثانية).

الفقرة الاولى: تحديد مفاهيمي: الحكامة والتنمية:

أولا: الحكامة: مفهومها؛ شروطها؛ مبادئها ومعاييرها.

1- مفهوم الحكامة:

ظهر مفهوم الحكامة في القرن الثالث عشر الميلادي في كتابات ماكيافيلي وجون بودان...، وكان يشير إلى كيفية تدبير وتسيير الشأن العام في الدولة من قبل السلطة. ثم أصبح متداولا بكثرة في السنين الأخيرة في كل التقارير والبرامج الإنمائية الدولية.
ويحيل مفهوم الحكامة(Governance) في اللغة الإنجليزية إلى معاني الرقابة والتوصية والتدبير. وتكون الرقابة شاملة، من الأعلى تتولها الدولة، ومن الأسفل يقوم بها المجتمع المدني.
تعني الحكامة بشكل عام عمل السلطة السياسية وإدارتها لشؤون المجتمع وتدبير موارده. وتعرف في الفقه الغربي على أنها: " التدبير الواعي لبنيات النظام مع نظرة تستهدف تعزيز شرعية الحقل العمومي، وتحفيز الأفراد لممارسة حقوقهم حتى يساهموا في الشأن العمومي".
وهي مفهوم قديم يدل بالأساس على كل الآليات والمؤسسات التي تشترك في صنع القرار في المجتمع وإدارة شؤونه.
وعرف هذا المفهوم تطورا وتجديدا في معناه، حيث أصبح يهدف إلى حث الحكومات على التنافس لتحقيق التنمية المستدامة وتطبيق معايير الحكم الصالح. وبرز هذا المفهوم بحدة عقب صدور تقرير البنك العالمي سنة 1989، والذي شخص أسباب الأزمة في الدول الإفريقية في: طريقة الحكم؛ وشخصنة السلطة؛ ووجود حكومة غير مسؤولية ولا تحاسب؛ وانتشار الرشوة؛ وعدم احترام حريات وحقوق الإنسان... وأصبحت الحكامة تحيل إلى العمل الذي تقوم به المؤسسات داخل الدولة بغية تحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم، وذلك عبر مشاركتهم ومساندتهم.

2- شروط ومباديء/معايير الحكامة:

أ- الشروط:
تتطلب الحكامة وجود تكامل بين عمل ودور واختصاصات كل من الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص ومكونات المجتمع المدني. فالحكامة تشترط بناء نظام متكامل من المشاركة والمحاسبة والشفافية والمساءلة. وبالتالي تشترط الحكامة وجود الديموقراطية حتى يمكن تحقيق تلك الشروط. لذلك تم وضع العديد من المعايير لتحقيق الحكامة الجيدة.

ب- المباديء/المعايير:
انطلاقا مما ذكر أعلاه، يتضح أن الحكامة مفهوم يشمل كل مؤسسات الدولة وكل الفاعلين داخلها من مؤسسات وجمعيات وهيئات وأفراد... من هنا تتعدد معاييرها بتعدد الميادين التي تشملها، فنجد معايير سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية وثقافية وقانونية...
وتختلف المعايير المعتمدة وترتيبها وأهميتها باختلاف الموقع والزاوية التي ننطلق منها للميدان الذي نريد تقييمه انطلاقا من مفهوم الحكامة. كما تختلف المعايير باختلاف نشاط المؤسسات التي تقوم بعملية التقييم.
1- معايير منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية:
تحدد هذه المنظمة هذه المعايير وترتبها كالأتي:
* دولة القانون.
* إدارة القطاع العام.
* السيطرة على الفساد.
* خفض النفقات العسكرية.
2- معايير البنك الدولي بالنسبة لشمال افريقية:
يحدد هذا البنك المعايير في:
* المحاسبة.
* الاستقرار السياسي.
* فعالية الحكومة.
* نوعية تنظيم الاقتصاد.
* حكم القانون بالمساواة والمشاركة وتامين فرص متساوية للاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة.
* التحكم في الفساد.

3- معايير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي:

حدد برنامج الأمم المتحدة معايير أكثر شمولية للحكامة، وتتمثل في:
* المشاركة:ويقصد بها حق المواطنين بالتصويت وإبداء الرأي في القرارات و السياسات العامة المتخذة في بلدانهم. والمشاركة تتطلب توفر القوانين التي تضمن وتحمي حق المشاركة...
* حكم القانون: ويعني سيادة القانون على الجميع، وأن يكون هو المرجع والإطار الذي ينظم العلاقات بين المواطنين من جهة، وبينهم وبين الدولة من جهة أخرى...
* الشفافية: وتعني توفر المعلومات الدقيقة، ونشرها بعلنية وبصفة دورية، حتى تتوسع دائرة المشاركة والمراقبة والمحاسبة...
* حسن الاستجابة: ويعني ضرورة قيام المؤسسات والإدارات على خدمة الجميع وتلبية متطلباتهم...
* التوافق: ويقصد به القدرة على التوسط والتحكيم والمقارنة بين المصالح المتضاربة من أجل الوصول إلى التوفيق بينها أو ترجيح المصلحة العامة...
* المحاسبة: ويقصد بها المساءلة السياسية والإدارية والقضائية للمسئولين في وظائفهم العامة، ومحاسبتهم عن إدارتهم للموارد العامة...
* المساواة: وتعني إعطاء الحق للجميع ( نساء ورجال) في الحصول على الفرص المتساوية في الارتقاء الاجتماعي من أجل تحسين أوضاعهم العامة...
* الفعالية: ويقصد بها القدرة على تنفيذ المشاريع والبرامج بشكل عقلاني وراشد، يستجيب لحاجيات المواطنين وتطلعاتهم...
* الرؤية الاستراتيجية: هي الرؤية التي تنطلق من نظرة شمولية، تراعي الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية بهدف تحسين شؤون الناس وتنمية المجتمع والقدرات البشرية...

ثانيا: التنمية: مفهومها؛ ومؤشرات ومعايير قياس معدلاتها.

1- مفهوم التنمية:

للتنمية مفهومان:
أ- الأول، مفهوم تقليدي ضيق، يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، فتصبح التنمية هي النمو الاقتصادي. وهذا المفهوم تستخدمه وتفضله العديد من المؤسسات ومنها البنك الدولي...
ب- والثاني، مفهوم حديث واسع، ينظر إلي المسالة نظرة شمولية، تربط ما هو اقتصادي بما هو سياسي واجتماعي وثقافي، وبذلك أصبح الأمر يتعلق بالتنمية الإنسانية. وهو المدلول الذي تبنته تقارير التنمية الإنسانية العربية.
وبهذا المعنى، لم تعد التنمية تقتصر فقط على مجرد تلبية الحاجات الاقتصادية الأساسية للإنسان، بل أصبحت تهتم بالقضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، وطبيعة نظام الحكم، والعلاقة بين المواطن والسلطة الحاكمة، وما يرتبط بذلك من قضايا الحرية والشرعية والمشاركة والتمثيلية وسيادة القانون والمساءلة والمراقبة، وبالتالي أصبح الأمر يتعلق بتوسيع خيارات الناس لتحقيق العيش الكريم والحرية والعدالة والكرامة...
وهكذا أصبح مفهوم التنمية مرتبطا بمفهوم الحكامة، كما سنوضح في ما سيأتي (النقطة الثالثة).

2- مؤشرات ومعايير قياس معدلات التنمية.

تطور مفهوم التنمية ومر من أربع مراحل أساسية، وفي كل مرحلة كان يتم التركيز على مضمون معين.

أ- المرحلة الأولى: النمو الاقتصادي:
في هذه المرحلة، الممتدة من الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية عقد الثمانينيات، كانت التنمية تعني النمو الاقتصادي، فتحقيق معدل معقول للدخل الفردي كافي للحديث عن تحقيق التنمية. وظل مفهوم التنمية يقتصر على ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات مادية...

ب- المرحلة الثانية: التنمية البشرية:
تم تبني هذا المفهوم من طرف برنامج الأمم المتحدة للإنماء سنة 1990. فعندما تم إخضاع التجربة التنموية لدول جنوب شرق آسيا للفحوصات التنموية ومقارنتها بتاريخ الفكر الاقتصادي تبين أن سبب نجاح هذه التجارب يرجع إلى أن تلك الدول حولت الإنسان إلى راس مال وميزة وطاقة، ووجهتها إلى استثمارات عالية المردودية، وبذلك أصبحت التنمية ترتكز على الإنسان باعتباره هو الثروة الحقيقية للأمم، فالإنسان هو صانع التنمية وهدفها في الوقت نفسه....

ت- المرحلة الثالثة: التنمية البشرية المستدامة:
أدى قصور المعاني التي أعطيت للتنمية ( النمو الاقتصادي؛ والتنمية البشرية)، إلى توسيع معنى التنمية، حيث تم دمج المعطى البيئي في جميع السياسات والبرامج الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي استحضار مصالح الأجيال الحالية والمستقبلية. وقد توسع عالم الاقتصاد الهندي أمارتيا صن، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 1998، في تحديد المقصود بالتنمية المستدامة ودافع عن الحرية كمكون أساسي للتنمية والتطور.
وتنبني التنمية المستدامة على أربعة عناصر أساسية هي:
1- الإنتاجية: وتعني تحسين قدرات الناس على القيام بنشاطات خلاقة وذات مردودية عالية.
2- الإنصاف: ويهدف التركيز على تكافؤ الفرص بين الجميع، و" يلتزم بمبدأ تحميل الفرد مسؤولية الإفادة منها، وذلك كي لا يأتي المفهوم متعارضا مع الميل السائد نحو تقليص دور الدولة كمسؤول شبه حصري عن تامين الحاجيات الأساسية وتأمين العدالة"، وبالتالي يتطلب الإنصاف تأمين وهيكلة علاقات القوة في المجتمع.
3- الاستدامة: وتعني الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية والبشرية بالشكل الذي يسمح للأجيال الحاضرة والقادمة من الاستفادة منها.
4- التمكين: أي مساعدة جميع الناس من المشاركة في القرارات التي تهم حياتهم.
وتأسيسا على ما سبق، عرف جيمس سبيث، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التنمية المستدامة في تقرير " مبادرة من اجل التغيير"، على أنها: " تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزع عائداته بشكل عادل أيضا. وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم، وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم. إن التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في صالح الفقراء، والطبيعة، وتوفير فرص عمل، وفي صالح المرأة. إنها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة، ويحافظ على البيئة، تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهم".

ث- المرحلة الرابعة: التنمية الإنسانية:
جاء مفهوم التنمية الإنسانية ولخص كل معاني التنمية السابقة، وحدد التنمية بأنها:" تنمية الناس ومن أجل الناس ومن قبل الناس". وهو مفهوم شامل يتضمن بناء القدرات الإنسانية وتوظيفها، ثم قياس مستوى الرخاء الإنساني المتوصل إليه. وفي هذا الإطار أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية، على سبيل المثال، إلى بعض القيود والحدود التي تعرقل التنمية في الفكر وفي الواقع، وذكر التقرير أن:
أ- واحد من أصل خمسة من العرب يقل دخله عن دولارين في اليوم؛
ب- وجود 65 مليون أمي؛
ت- تراجع وانحصار فرص التعليم والصحة والعمل...
وأشار التقرير إلى أن تجاوز هذه الوضعية لن يتأت إلا بالتعجيل بتطبيق مباديء الحكامة، وأكد على:
أ- أهمية العوامل الداخلية للتخلف والتأخر؛
ب- دور العوامل الخارجية في إعاقة التنمية؛
ت- أهمية اتخاذ إجراءات جذرية لإصلاح البنيات الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية والثقافية؛
ث- ضرورة الربط بين الإصلاح وتعزيز المشاركة الشعبية...

ثالثا: الحكامة والتنمية؛ أية علاقة؟

تطور مفهوم التنمية واتسعت دائرة اهتمامها، فانتقلت من الاهتمام بالرأسمال البشري إلى الرأسمال الاجتماعي، ثم توسعت لتشمل الاهتمام بالتنمية الإنسانية ككل.
ولما أصبحت التنمية مرتبطة بتحقيق التكامل بين ما هو اقتصادي واجتماعي وسياسي وثقافي وبيئي، وترتكز على ضمان مشاركة الجميع، وضمان التوزيع العادل للدخل القومي ( التنمية المستدامة)؛ ظهر مفهوم الحكامة، لان تطبيق الحكامة من شانه المساعدة على ضمان الانتقال من النمو الاقتصادي إلى التنمية الإنسانية المستدامة. من هذا المنظور اتضحت العلاقة الترابطية بين المفهومين.
وتعزز هذا الترابط عندما أدخلت الأمم المتحدة ومؤسسات بريتون وودز مفهوم الحكامة في أدبياتهما لما تبين لهما أن بعض الدول تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي لكن لم يترتب عنه أي تحسين في مستوى عيش السكان.

ومنذ بداية التسعينيات دأب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي(PNUD) على إصدار تقرير سنوي عن التنمية البشرية المستدامة. وادخل في تقاريره معايير جديدة لقياس معدلات التنمية. فإلى جانب مستوى الدخل الفردي، اهتمت هذه التقارير بالجوانب الاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى مدى توافر الخدمات الأخرى. بحيث أصبح النمو الاقتصادي ليس غاية في حد ذاته، بل مجرد وسيلة لتحقيق التنمية. وبالتالي أصبح من واجب الحكم الصالح أن يتأكد من مدى وحدود تحقيق المؤشرات النوعية ( العلم؛ والصحة؛ والثقافة؛ والحرية؛ والكرامة؛ والمشاركة...).

وأصبح قياس التنمية يتم من خلال مؤشر مركب للتنمية، حيث يتم دمج مجموعة من الأبعاد والعناصر على أساس المتوسط الحسابي العادي، وبناءا على المستويات العليا والدنيا. وتحليل هذه الأبعاد بالقيام بمقارنة بين مجموعة من الدول. ويتم دراسة وتحليل كلا من الناتج الداخلي الإجمالي للفرد؛ والقوة الشرائية؛ والتمدرس؛ والتعليم؛ ومعدل الحياة عند الولادة... ويتم التمييز بين ثلاث مستويات للتنمية: مؤشر مرتفع، ومؤشر متوسط، ومؤشر منخفض...

وبالرجوع إلى التقارير المتتالية لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، نجدها أضافت مؤشرات جديدة لقياس التنمية البشرية، منها: التطور البشري والمساواة ما بين الجنسين، ومشاركة المرأة، والحريات العامة، وحقوق الإنسان، والتنمية الديموقراطية. وبذلك أصبح مؤشر التنمية البشرية مقياسا مركبا، فإلى جانب المؤشرات التقليدية ( الدخل الفردي، نسبة الأمية والتمدرس )، تمت اضافت مؤشرات متجددة، كارتفاع معدل الحياة والأمن الغذائي وولوج الصحة وتدبير الماء والبنيات التحتية، واحترام الحريات وحقوق الإنسان والديموقراطية...
ومن خلال هذه المؤشرات ازدادت العلاقة الترابطية بين التنمية والحكم الصالح. ويمكن النظر إلى العلاقة بين التنمية والحكامة من خلال ثلاث مستويات، وهي:

أ- مستوى وطني ومحلي: ويشمل كافة السكان( الحضر والريف)، وجميع الفئات والطبقات الاجتماعية( النساء والرجال؛ المهمشين؛ ذوو الاحتياجات الخاصة؛ الأقليات)...
ب- مستوى عالمي: ويشمل التوزيع العادل والمنصف للثروات بين الدول الغنية والدول الفقيرة؛ وبناء العلاقات بين الدول على أساس القانون والإنصاف والاحترام المتبادل...
ت- مستوى زمني: ويعني أن تراعي الأجيال الحالية حقوق ومصالح الأجيال القادمة...
فأية علاقة بين مبادرات التنمية المتعددة التي اتبعها المغرب والحكامة؟ وهل يتم استحضار مباديء الحكامة أثناء وضع وتتبع وتقييم مشاريع التنمية في المغرب؟
للإجابة، سنحاول التركيز على نموذج التدبير التشاركي المحلي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: الحكامة الجيدة: نموذج التدبير التشاركي المحلي:

انطلاقا مما سبق، نستخلص أن مفهوم التنمية يحيل إلى مجموعة من الحمولات يمكن إجمالها في ما يلي:
* حركة تستهدف تحقيق حياة أفضل للمجتمع المحلي نفسه من خلال المشاركة الايجابية للأهالي..
* مسلسل من العمليات المصممة لخلق ظروف التقدم الاجتماعي و الاقتصادي في المجتمع عن طريق مشاركة الأهالي ايجابيا في هذه العمليات..

* الإمكانات و الوسائل المرصودة للرفع من المستوى الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي للمواطنين..
* التنمية خطة لمواجهة التخلف عن طريق تحديث الاقتصاد و مضاعفة الدخل و تحسين نوعية الحياة، و تدعيم الاستقلال الوطني..
* التنمية لا تستهدف فقط الغداء و المسكن و الملبس و كل المقومات المادية أو "اللوجيستية" (الاتصال، النقل..) لحياة أفضل و إنما كذلك النواحي المعنوية و الفكرية التي تهدف إلى توسيع الكفاءات و القدرات و الفعاليات البشرية..

يتضح إذن أن التنمية تعبر عن معادلة تتداخل في تحديد أطرافها مجموعة من العوامل المرتبطة بالفرص الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية من جهة و العوامل المرتبطة بالقدرات الإنسانية من جهة ثانية، أي التي تجعل من الإنسان منطلقها الأساسي و غايتها و تنظر إليه كطاقة مادية و مولدة للتنمية، و هو ما يعرف بالتنمية البشرية أي التنمية التي تفتح المجالات و الإمكانات و الخيارات للبشر من أجل تمكينهم من التمتع بمختلف حقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و السياسية و ذلك على أساس الإنتاجية و المساواة و الاستدامة و التمكين، فالتنمية لا تتم من أجل الناس فقط بل من أجلهم و بهم كذلك، فالناس في التنمية ليسوا مجرد متلقين سلبيين، بل عامل فاعل في تحديدها و إنجازها.

ويحيل مصطلح التدبير إلى مجموعة من الحمولات:
* الإدارة و التحكم في عامل ندرة الإمكانات و القدرات الاقتصادية...
* مواجهة التحولات المفاجئة الناجمة عن التقلبات الاقتصادية..
* التخطيط العقلاني العلمي..
* الترشيد المبني على حسن التصرف و الاستعمال..
* مجموعة من التقنيات لتنظيم و تسيير المؤسسات العامة أو الخاصة...
* مجموعة من المنطلقات و المناهج و أنساق من السلوك و التنظيم المتعلقة بمخصصات الموارد، المراقبة، التخطيط، التحفيز..
* سلوك جماعي أو مشترك لدى مختلف العاملين المسئولين..
و يحيل مصطلح تشاركي إلى وجود عدة أطراف متدخلة في مسلسل اتخاذ القرار إما بشكل أصلي أو تابع أو على سبيل الاستشارة، على نحو يحقق التفاعل و الاندماج على مستوى المبادرات المعتمدة، و هو ما يعرف بالديمقراطية التشاركية كمقترب في تجديد أساليب الحكم، أو كأسلوب في الاستشارة ذي الطبيعة اللا تقريرية، أتـى كنتيجة لممارسة الديمقراطية التمثيلية، بهدف تجاوز بعض النقائض أو الإكراهات التي أفرزتها تطبيقاتهـا العملية، فيكمن الهدف في تعزيز أسـس ووسائل الحكم الصالح.

يحبذ التمييز في هذا السياق بين بعض المفاهيم المتشابهة من حيث الاشتقاق اللغوي. فتعني المشاركة المساهمة من دون تدخل فعلي؛ وتعني الشراكة مسلسل في التفاوض ينتهي بإبرام اتفاق لتحقيق أهداف معينة بين طرف أو عدة أطراف؛ ويعني التشارك مجموعة عمليات لتحقيق أهداف تم التشاور و التفاوض بشأنها وذلك بهدف تقسيم المسؤولية.وتفيد المقاربة التشاركية عملية تواصل أفقية مع السكان بطريقة تضمن مشاركتهم في مسلسل اتخاذ القرار عبر آلية الإنصات المستمر بهدف تحسين وضعيتهم المجتمعية .
و تتحقق المقاربة التشاركية من خلال المبادئ الآتية:

أ) ربط أوسع شريحة ممكنة من المواطنين بالقرار المحلي وذلك من خلال مختلف مراحله:
1) الإعداد؛
2- الإنجاز؛
3-المراقبة؛
4- المتابعة؛
5- التقييـم.

ب) تسهيل الولوج إلى الانتدابات المحلية وجعلها متمفصلة مع الأنشطة المهنية، مع تحسين شروط ممارسة الانتداب من خلال تقوية القدرة التكوينية للمنتخبين المحلييـن.
ج) ضمان شفافية مسلسل إعداد مشاريع التهيئة والتجهيز من خلال تقوية أجهزة الإعلام والتواصل مع المواطنين.

4) تقوية حقوق المنتخبين المحليين، خصوصا المحسوبين في صف المعارضة،
ما دامت الديمقراطية لا تعني فقط حكم الأغلبية وإنما في قدرة هذه الأخيرة على احترام حقوق الأقليـة وتقوية التواصل المباشر للإدارة بالمواطن عبر تبسيط المساطر والإجراءات، ودعم أخلاقيات المرفق العـام، وتأهيل الموارد البشرية.

5) وجود مؤسسات بارزة تكمل مؤسسات التمثيل السياسي وتسمح للمواطنين وللتكتلات الجماعية، والحركة الجمعوية المتمثلة في هيئات و منظمات المجتمع المدني، بالتدخل الفعال في تدبير الشؤون المحليـة.

أولا: عناصر التدبير التشاركي وأهدافه:

يمكن التمييز من داخل التدبير التشاركي بين عناصره و أهدافه، فالعناصر تكشف عن البنية الأساسية التي تتشكل منها خيوطه، و الأهداف تحدد الغرض أو المقصد من اعتماده.
1- عناصر التدبير التشاركي:
ا) القيادة:
تتعلق بفعل إدارة الوحدة موضوع التدبير و ذلك باتخاذ قرارات موضوعية و محددة متلاحمة ومنسجمة مع التوجهات العامة..
ب) تنظيم الوحدة:
تنظيم وظيفة الوحدة و ذلك بالتوفيق و التوليف بين مختلف عناصرها المحلية أو المركزية، أو على المستويات القريبة أو المتوسطة أو البعيدة الأجل، تحقيق الدرجة من التنظيم التي تحقيق الحد الأدنى من الضبط الذي يضمن تجاوز القصور داخل الوحدة.
يتحقق التنظيم من خلال القدرة على توفير مجموعة من الشروط المتمثلة في: التواصل و التنسيق؛ توزيع المسؤوليات؛ تقسيم العمل و الأنشطة و ذلك أخذا بعين الاعتبار البنيات المرئية و المحسوسة، المادية أو الشكلية..
ج) اعتماد موارد:
تكمن هذه الموارد في التخصيصات المرصودة من أجل حسن التدبير البشري و "اللوجستي" وفقا لقاعدة توافق المدخلات مع المخرجات..
د) المراقبة و التدقيق:
تتحقق بأسلوبين متكاملين ذاتي و موضوعي، و هي فعل التحقق من مدى مطابق عمل التسيير و التدبير و الإنتاج مع الأهداف و المرامي المسطرة من طرف قيادة الوحدة أو المؤسسة المعنية، و يطال فعل المراقبة التدقيق وفقا للمعايير الآتية:
- معيار مراقبة الملائمة و الموافقة؛
- معيار مراقبة المطابقة؛
- معيار مراقبة التلاحم؛
- معيار مراقبة الكفاية (النتائج بدلالة الوسائل)؛
- معيار مراقبة الفعالية (النتائج بدلالة الأهداف)
ه)التخطيط:
يساعد التخطيط كعمل منظم على تحديد المراحل المستقبلية للعمل من حيث الموارد البشرية و الإمكانات المادية..
و) التفعيل و التنشيط:
يهدف إلى مقاومة القصور و الرتابة داخل الجهاز الإداري و السياسي و الاقتصادي على نحو يمكن من خلق روح جديدة داخل بنيات المؤسسة التنظيمية و البشرية..
ي) التحفيز:
يعبر عن تشجيع عناصر الوحدة و ذلك بمنحهم مكافئات نظير ما يقدمونه من جهد و مثابرة داخل الوحدة، فهو يعبر عن اعتراف بالجهد الزائد المبذول لتحقيق المصالح العليا للمؤسسة..
2- أهداف التدبير التشاركي:
يمكن من خلال العناصر المشكلة للتدبير التشاركي استنتاج مجموعة من الأهداف تكمن في ما يلي:
ا) النجاعة و التفوق:
يتطلب تحقيق هذا الهدف توفر المؤسسة على مجموعة من الخصائص وهي:

التنافسية؛
الإبداع؛
الدينامية؛
المرونة؛
المقاربة الشمولية؛
الشفافية الفعالية؛
المردودية؛
الجودة..

ب) الاعتبارات الإنسانية:
تكمن أساسا في احترام أسس و مبادئ المؤسسة أو المقاولة المواطنة التي لا تنجر فقط وراء تحقيق أرباح أو إنجازات على حساب حقوق العاملين في الوحدة أو المستفيدين من خدماتها..
ج) التكامل و الاندماج الداخلي:
يرتبط أشد الارتباط بطبيعة منظومة القيم السائدة داخل المؤسسة، قيم يتفاعل فيها ما هو ذاتي، و ما هو مشترك بين أعضاء مصالح و أقسام المؤسسة..
د) إشباع حاجيات المدبرين و العاملين:
يمكن التدبير التشاركي من خلق الانسجام بين مختلف عناصر وحدات المؤسسة على نحو يتجاوز سلبيات نمط التسيير العمودي و إحلال نمط التسيير الأفقي أو المتوازي بين الذين يتحملون مسؤولية الإنتاج المادي و الخدماتي و الذين يتحملون مسؤولية التسيير..
ه) الإجابة عن الحاجيات الاجتماعية:
يكون التدبير التشاركي من دون موضوع إذا لم يتمكن على مستوى نتائجه من الإجابة عن حاجيات اجتماعية، بحسب أولويتها و درجة أهميتها، و وجه يتكشف بحسب القصد أو النية من وراء اعتماد الفاعلين في مجال التنمية على المقاربة التشاركية بشكل مباشر عبر استشارة المواطنين مباشرة، أو غير مباشر عبر ممثليه الأهليين من خلال هيئات و منظمات المجتمع المدني..
عرف الفضاء السياسي العام المغربي نقاشا مستفيضا حول تحديات و رهانات ربح قضية التنمية خصوصا على المستوى البشري، و مبادرات رسمية عدة في هذا الاتجاه، يذكر منها على سبيل المثال تأسيس المجلس الوطني للشباب و المستقبل في سنة 1990 الذي عنى بدعم قدرات الشباب في مجال الخلق و الإبداع و الابتكار؛ و المبادرات التي قام بها قطاع التكوين من خلال مشاريع و برامج التكوين و التدريب المستمرين، التي أعطى انطلاقتها على مستوى مختلف القطاعات الإنتاجية و الخدماتية و كذا الإبداعية (C.E.C.O.P، C.E.O.P) ، و كذا من خلال إعطاء انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (I.N.D.H).

ثانيا: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية:

أعلن الملك محمد السادس في خطابه مساء يوم الأربعاء 18 مايو 2005 إلى الأمة، عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كمشروع لتجاوز مجموعة من الاختلالات المسجلة خصوصا على الصعيد الاجتماعي، و لم تخرج هذه المبادرة عن سياقين أساسيين:
* الأول تعلق بثقل تركة الأوضاع الاجتماعية التي أصبحت بمثابة معضلة وطنية، تستدعي تعبئة كل المؤسسات و الفاعلين على مختلف مجالاتهم و مستوياتهم لتجاوز غياب سياسات عمومية في مجال الخدمات العمومية..
* الثاني تعلق بكون المبادرة تأتي في سياق التحولات السياسية التي يعرفها نسق النظام الدستوري و السياسي المغربي و التي يلعب فيها الخطاب الرسمي دور المحرك و الراعي..
يبقى التساؤل المطروح يكمن في مدى نجاع هذه المبادرة كإستراتيجية أو منهجية للتدخل في تدبير الشأن العام محليا و وطنيا بما يكفل عدالتها و فعاليتها و كفايتها؟؛ وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال تحليل مرتكزاتها و خصائصها و أهدافها..

1- مرتكزات و خصائص المبادرة الوطنية للتنمية البشرية:

أ- المرتكزات:
ترتكز المبادرة على:
** قراءة عملية للواقع المعني بإعطاء انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعتماد أساليب علمية موضوعية.
هذا المرتكز يثير أكثر من سؤال إشكالي يتعلق بمكانة و مصداقية ما كانت تتخذه و تتبناه الدولة من سياسات عامة في السابق، و التي رصدت لها إمكانات بشرية و اعتمادات مادية رهنت ميزانية الدولة العامة بديون و مستحقات تفوق مؤهلاتها و إمكاناتها..
** معالجة الأسباب الواقعية و الحقيقية للمعضلة الاجتماعية بمنهجية تتجاوز الحلول السطحية المؤقتة، و عدم التعامل مع القضايا الاجتماعية الملحة بنوع من التسويق الذي لا يخرج عن خدمة أهداف مؤقتة لمصالح مرحلية..
** الانفتاح على المحيط الدولي بهدف الاستفادة من خبرات منظماته الحكومية أو غيرها في المجالات المتعلقة ببرامج و قضايا التنمية ..
** نهج مقاربة تعتمد على الإشراك المباشر للمواطنين في مختلف مشاريع و برامج المبادرة الوطنية، و هو ما عبر عنه الملك محمد السادس في خطابه بالمقاربة التعاقدية و التشاركية، من خلال النسيج الجمعوي الذي يشكل الضمانة الحقيقية في الإشراك و الإشراف المباشر على البرامج و المشاريع التي تتعلق بأوضاعهم المعاشة على مختلف المستويات .

ب- الخصائص:
** تحمل من الناحية اللغوية خطابا صريحا في قراءة الماضي و الاعتراف بقصور و محدودية التدخلات العامة السابقة إن على مستوى الكيف من خلال نوعية التدخلات السابقة في مختلف المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.. و على مستوى الكم من خلال حجم التدخلات و توزيعها الجغرافي على مختلف المناطق الحضرية أو القروية..
** يعمد خطاب هذه المبادرة إلى التأسيس لثقافة جديدة في مجال تدبير الشأن العام تعتمد على التشاور و التشارك الذي يجعل من السكان المحليين لبنة و رافعة أساسية في برامج التنمية المحلية..

2- المبادرة الوطنية كمقاربة للتنمية المحلية؟.

ركزت المبادرة من حيث موضوعها على التخطيط الموجه عبر تشخيص الحاجيات و تصميم برامج لها و تتبع إنجازها من خلال محاور أساسية:
*** محاربة الفقر؛
*** محاربة الإقصاء الاجتماعي في المجال الحضري؛
*** محاربة التهميش خصوصا بالنسبة للأشخاص المعاقين و أطفال الشوارع؛
*** تعزيز الهندسة الاجتماعية من خلال إحداث مرصد للتنمية البشرية و نظام المعلومات و الاتصال..
و من حيث منهجية العمل تبنت خطاب الحكامة الجيدة من خلال ركائزه المتمثلة في:
1- الفاعلية؛ 2- و القرب، عبر التركيز على مجموعة من الأجهزة و الهيئات المركزية أو اللامركزية.
توجد على المستوى المركزي لجنتان يترأسهما الوزير الأول:
1- اللجنة الوزارية الإستراتيجية للتنمية البشرية المكونة من أعضاء الحكومة والمؤسسات و المنظمات العمومية؛
2- لجنة الإدارة المكونة من قطاعات الداخلية و المالية و التنمية الاجتماعية و التنمية القروية..
تشكل على المستوى اللامركزي ، في كل جهة من الجهات الستة عشر للمملكة:
 لجنة جهوية برئاسة والي الجهة، و تضم عمال الأقاليم و العمالات، و رئيس المجلس الجهوي، و رؤساء مجالس العمالات و الأقاليم، و المصالح اللاممركزة للدولة، و ممثلي النسيج الجمعوي و الفاعلين من القطاع الخاص؛
 اللجنة الإقليمية التي يرأسها العامل، الذي يلعب دور الجهاز التقريري، إذ تلعب هذه اللجنة دورا أساسيا في المصادقة على المبادرات المحلية للتنمية البشرية و فتح اعتمادات، و كذا إعداد تقرير إلى الجهاز المركزي لتوضيح حالة و وضعية المشاريع في طور الانجاز، و كذا في الربط بين المستويين المحلي و الوطني؛
 اللجان المحلية و تشرف على الإعداد و التنفيذ للمبادرات المعتمدة و تتكون من ممثلي الجماعات المحلية (الحضرية، القروية، المقاطعات..) و رئيس اللجنة المكلفة بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، و النسيج الجمعوي و المصالح التقنية اللاممركزة و السلطة المحلية..
يتضح من ملاحظة تركيبة اللجان أعلاه تواجد مفهوم النسيج الجمعوي، أي مختلف الهيئات و المنظمات المدنية التي تؤطر و تمثل السكان المحليين في مختلف المجالات و الأنشطة الاجتماعية، بالنظر إلى الدور الذي تؤديه، و الذي مكنها من المعرفة الجيدة بحاجيات السكان و تطلعاتهم، نظرا لعامل قربها.

فقد أثبتت مجموعة من الجمعيات من خلال قربها و مشاركتها و تشاركها مع السكان في مختلف همومهم و مشاكلهم، و ذلك رغم تواضع إمكانياتها، قدرة فائقة على اكتساب ثقة السكان و مشروعية أكبر لخطابها و تحركاتها؛ نتيجة مهمة و أساسية أبانت في المقابل عجز الدولة و عدم قدرتها على تحقيق ذات النتائج ر غم إمكانياتها، و الموارد الهائلة التي تخصصها و توظفها في نفس البرامج و المشاريع التي تشتغل فيها الجمعيات المدنية.

لكن من التساؤلات المركزية و المرتبطة بروح و جوهر ميلاد المبادرة (I.N.D.H)، يطرح التساؤل الآتي:
إذا كانت المبادرة كمقاربة أو استراتيجية أو نموذج في التنمية قد جاءت بهدف تجاوز العجز المسجل خصوصا على مستوى التنمية المحلية، فان التساؤل يبقى مطروحا حول المعايير المعتمدة في إشراك الممثلين المدنيين للسكان؟.

3- محدودية المقاربة التشاركية في مخطط المبادرة الوطنية (I.N.D.H):

يعطي الأسلوب التشاركي لأطرافه و ضعا متماثلا في الفعل و الحركة و الاقتراح بينما المشاركة قد لا تخرج عن إطار يسمح فقط بالملاحظة و إبداء الرأي الذي يكون بدوره استشاريا أو استئناسيا.
نظرا لغياب معايير موضوعية لتحديد كيفية تطبيق سياسة القرب بأسلوب تشاركي، فان المنطق المركزي ظل هو المتحكم في تحديد أسلوب و آليات التدخل مما قاد إلى الإقصاء المباشر لمجموعة كبيرة من مكونات النسيج الجمعوي أو إلى الإقصاء الممنهج لعدد آخر منه.
و بالتالي كيف يمكن تحقيق القرب التشاركي في ظل غياب الممثلين المدنيين للسكان المعنيين مباشرة ببرامج التنمية؟ !!! .

ركز خطاب المبادرة على مبدأ الحكامة في منهجه و موضوعه و نتائجه للنهوض بالتنمية البشرية كحامل أساسي لتجاوز حالات العجز و القصور التي يعاني منها البناء المؤسساتي السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي.. للدولة المغربية مقصد لا يمكن تحققه إلا بالتحقق من المؤشرات الآتية للتنمية البشرية المستدامة:

 التمكين: يفيد توسيع قدرات المواطنين و إمكاناتهم و خياراتهم، في ممارسة حريتهم أثناء الاختيار بعيدا عن الجوع و الحرمان..؛
 التعاون: كتضمين لمفهوم الانتماء و الاندماج بين عناصر الوحدة أو المؤسسة..؛
 العدالة في التوزيع: تشمل الإمكانات و الفرص و الدخل، مثل حق الجميع في التعليم، في الصحة، في السكن، في الإعلام و المعلومة، في تقلد المناصب السياسية..؛
 الاستدامة: تكمن في ضمان القدرة على تلبية حاجيات الجيل الحاضر مع ضمان مستقبل الجيل اللاحق في إطار ما يعرف بقسمة تركة الأجيال..؛
 الأمان الشخصي: ضمان حق الفرد في الحياة بعيدا عن التهديدات المادية أو النفسية..
يتضح من تشخيص و مقاربة هذه المؤشرات بالواقع المغربي بأن تطبيق المبادرة يصطدم بعوائق و اكراهات بنيوية تتجاوز المنطق و الفلسفة التي تحكمت لدى مهندسي هذه المبادرة الوطنية، مما جعل مبدأ الحكامة أو الحكم الصالح المتداول في الخطاب كنوع من الابتذال أو نوع من الخطاب التسويقي الغير المحسوب النتائج و الذي يعبر بوضوح عن المفارقة أو الشرخ الموجود بين الخطاب و الواقع.

تشير عملية قراءة متأنية للواقع، و ذلك بنوع من التجرد و الإمعان، إلى أن المسئولين و كأنهم يحملون و عيا أو تصورات شقية، فما معنى التركيز على مبدأ الحكامة أو الحكم الجيد في الوقت الذي تسجل فيه مجموعة من الملاحظات التي تتناقض و هذا المبدأ كما سنوضحه بعده:
يعني الحكم الصالح ممارسة السلطة لإدارة شؤون المجتمع باتجاه تطويري وتنموي وتقدمي، هدف يتحقق من خلال قيادات سياسية منتخبة قريبة من مواطنيها، و تحظى برضاهم عبر مشاركتهم ودعمهم، و المشاركة الفاعلة و الناجعة لا تتحقق إلا إذا استندت إلى تمكين المواطنين، و لا سيما المحرومين منهم و المهمشين، و جعلهم قادرين على تحمل مسؤولياتهم..

يرتكز الحكم الصالح على مجموعة من الخصائص التي تميزه عن الحكم الفاسد و تكمن في:
 الفصل الصريح بين المصالح العامة و المصالح الخاصة، بين المال العام و المال الخاص، و التي لا تتحقق إلا في إطار نظام سياسي يقر مبدأ الفصل بين السلطات و يحترم تطبيقه على أرض الواقع..؛
 مبدأ سيادة القانون، بخضوع كل ما يخضع لسيادة الدولة و نفوذها لتطبيق حكم القانون مهما كانت مكانته ا, درجة مركزه القانوني..؛
 وضوح و شفافية النصوص القانونية المؤطرة لمختلف المبادرات الفردية أو الجماعية..؛
 القطع مع أنظمة الامتيازات الممنوحة و التي تتعارض بشكل صريح أو ضمني مع متطلبات التنمية..؛
 استناد مسلسل اتخاذ القرارات إلى قاعدة شفافة تضمن وصول المعلومة، و تنافسية الخيارات و الرهانات ..؛
 المحاسبة و المساءلة التي تضمن السيطرة على الفساد، و تضمن المساواة أمام تحمل الأعباء العامة، و تضمن الفعالية و الكفاية في البرامج المعتمدة..؛ و تتحقق عبر إقرار نظام متكامل من المحاسبة و المساءلة السياسية و الإدارية للمسئولين في الوظائف العامة..
 التشارك و المشاركة اللذان يضمنان مساهمة أوسع قاعدة نشيطة في مختلف مراحل مسلسل اتخاذ القرارات..

يتضح على ضوء قاعدة مختلف هذه المعطيات التي اعتمدت على كتلة أساسية من المؤشرات أن تطبيق المبادرة و بالتالي تحقيق أهدافها لا يزال في حاجة إلى إعادة نظر ميدانية و بالتالي اتخاذ قرارات قادرة على التغيير الجاد البنيوي في السلوك و الممارسة، في الشكل و المضمون حتى لا يتم تكرار و إعادة نفس "سيناريو" السياسات الفاشلة بوصفات جديدة...


د. محمد الغالي، أستاذ القانون العام كلية الحقوق مراكش
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 322
تاريخ التسجيل : 18/10/2011
العمر : 50
الموقع : www.facebook.com/dimatanmia.dt

https://dimatanmia.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى